شبكة الديوانية >> محمد فوزان الفوزان >> محمد فوزان الفوزان | |
اللهم مزق ملكه |
|
Posted 2023-02-03 at 6:40 PM by ![]() عندما مزق كسرى خطاب النبي دعا النبي عليه بقوله: “اللهم مزق ملكه” فمزق الله ملكه.
فهل تعلم كيف مُزّقت مملكته؟ قرابة سنة 628 ميلادية بعث رسول الله شجاع بن وهب إلى كسرى خسرو الثاني، فأمر كسرى بإيوانه أن يزين، ثم أذن لعظماء فارس، ثم أذن لشجاع بن وهب، فلما أن دخل عليه أمر كسرى بكتاب رسول الله أن يقبض منه. فقال شجاع بن وهب: لا حتى أدفعه أنا إليك كما أمرني رسول الله. فقال كسرى: إدنه، فدنا فناوله الكتاب، ثم دعا كاتبا له من أهل الحيرة، فقرأه فإذا فيه: من محمد بن عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم فارس. قال: فأغضبه حين بدأ رسول الله بنفسه، وصاح، وغضب، ومزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه، وأمر بشجاع بن وهب فأخرج. فلما رأى ذلك قعد على راحلته، ثم سار، ثم قال: والله ما أبالي على أي الطريقين أكون، إذ أديت كتاب رسول الله. ولما ذهبت عن كسرى ثورة غضبه، بعث إلى شجاع ليدخل عليه، فالتمس فلم يجده، فطلب إلى الحيرة فسبق. فلما قدم شجاع على النبى أخبره بما كان من أمر كسرى، وتمزيقه لكتاب رسول الله، فقال رسول الله: “مزق كسرى ملكه”. في تلك الفترة كان هرقل امبراطور الروم يشن حملة مضادة على الفرس ويُمنيهم بهزائم ساحقة مذلة الواحدة تلو الأخرى في مصر والأناضول و سورية والعراق، ولم يكتف باستعادة الأراضي التي احتلها الفرس خلال سنوات قلائل، بل استولى على مدن فارسية خالصة متوجها نحو عقر دارهم المدائن، وقد بين الله تعالى هذا الأمر بقوله تعالى: “وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين”. مع تقدم الجيوش الرومية وتقهقر الفرس، هرب كسرى إلى مدينة دستغرد بالقرب من بغداد، واختبأ هناك بلا أن يعطي أي دلائل على أنه سيواصل الحرب! وعلى أثر هزائمه المتواصلة، قام وزراء الفرس بتحرير ابن كسرى، قباذ الثاني، الذي سجنه كسرى إثر خلاف بينهما ونصبوه ملكا. ويستمر مسلسل التمزيق حيث القى قباذ القبض على أبيه وحبسه في قبو تحت الأرض لمدة أربعة أيام، حتى جاء اليوم الخامس تم إعدامه بإطلاق السهام عليه ببطء من بداية اليوم حتى نهايته. مات كسرى أبشع ميتة خلال أشهر من تمزيق رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبعد أيام من تولية قباذ، عقد صلحا مذلا مع هرقل ليتجنب سقوط المدائن، وتعهد بإخلاء جميع الأراضي الرومية وغير الرومية، بل وأرجع إليهم الغنائم والتحف التي استولوا عليها قبل بضع سنوات فقط! ثم قتل جميع إخوانه الذكور الثمانية عشر حتى يوطد أركان ملكه، وخلال أشهر من توليه العرش مات قباذ، وبعد موته المفاجئ، لم يكن هناك إلا ابنه ذو السبع سنوات أردشير الثالث، فنصبوه ملكا، ثم بعد سنة ونصف فقط تم قتل هذا الطفل على يد الجنرال شهربراز. الشهربراز كان حانقا على كسرى وقباذ اذ أنه كان يعزو لنفسه الفضل في الانتصارات القديمة، التي لم يحافظ عليها كسرى بسياسته الغبية، مما استتبع الهزيمة المذلة في هجمة الروم المضادة، وضياع كل ما حققه من انتصارات. وعندما عقد قباذ الصلح وأرجع كل شيء للروم انخرط الجنرال الحانق في مؤامرات ودسائس انتهت بانقلاب الجنرال واستيلائه على المملكة ونصب نفسه ملكا، وبعد سنة واحدة فقط 630 ميلادية تم نحر هذا الجنرال في الإيوان، وتنصيب ابنة كسرى براندخت ملكة على فارس،لكنها فشلت فشلا ذريعا في إعادة الاستقرار إلى المدائن، وتم ذبحها بعد سنة واحدة فقط عام 631. تولت ابنة كسرى الثانية أزمريدخت العرش بعد اختها، وللخروج من الفوضى، اقترح عليها أحد الجنرالات، واسمه فروخ أن تتزوجه، لكنها رفضت وقتلته، فجاء ابن ذلك الجنرال رستم بن فروخ زاد، وحاصر المدائن بجيشه وقبض على الملكة، وقام بفقء عينيها، ثم قتلها، وكل ذلك حصل خلال أشهر من توليها العرش عام 631. ثم جاء هرمزد الرابع، وهو ليس من سلالة كسرى، بل من إحدى العائلات النبيلة، فاستغل الوضع ونصب نفسه ملكا في أحد الأرجاء، واستتبعه عدد من الطامحين في العائلات النبيلة في مناطقهم، وتم تنصيب حفيد آخر لكسرى هو يزدجر الثالث آخر ملوك فارس، سنة 632، وهو مراهق في السادسة عشرة، وقائدا جيشه هما رستم وفيروز، وهذان كانت بينهما مشاحنات وخصام، لكنهما اتحدا من أجل الملك الجديد على أمل الاستقرار والنهوض، لكن سيوف الجيوش الإسلامية كانت تدق أبواب فارس، ابتدأ الهجوم على الأراضي الفارسية بعد سنة واحدة من تنصيب المراهق، أي في 633، واستمرت ثلاث سنوات تم فيها تدمير جيش كسرى وتمزيق ملكه عام 636 في معركة القادسية. |
العضو | المشاركة |